
حكم الإحتفال بليلة النصف من شهر شعبان وهي من الليالي التي يكثر الحديث حول فضلها ومكانتها، ولكن عند العودة إلى المصادر الشرعية الصحيحة، لا نجد دليلًا قاطعًا يُخصصها بعبادات معينة أو يجعلها مختلفة عن باقي الليالي. فالأصل في العبادات أن تكون مستندة إلى القرآن والسنة الصحيحة، ولم يرد في ذلك نص صريح يفرض إحياء هذه الليلة بعبادة مخصوصة. لذا، ينبغي للمسلم أن يعبد الله في كل وقت وحين، دون تخصيص ليلة النصف من شعبان بشيء لم يثبت عن النبي ﷺ، مع الحرص على الاستمرار في الطاعات في جميع أيام السنة
• لا يشرع إحياء ليلة النصف من شهر شعبان ولا صيام نهارها و لا تخصيصها بعبادة معينة. 2. من أراد أن يقوم في ليلة النصف من شعبان كما يقوم في غيرها من ليالي العام – دون زيادة عمل ولا اجتهاد إضافي، ولا تخصيص لها بشيء – فلا بأس بذلك. 3. من صام يوم الخامس عشر من شعبان على أنه من الأيام البيض مع الرابع عشر والثالث عشر، أو لأنه يوم اثنين أو خميس إذا وافق اليوم الخامس عشر يوم إثنين أو خميس فلا بأس بذلك ،
• يتضح لطالب الحق أن الاحتفال بليلة النصف من شهر شعبان بالصلاة أو غيرها، وتخصيص يومها بالصيام بدعة منكرة عند أكثر أهل العلم، وليس له أصل في الشرع المطهر، بل هو مما حدث في الإسلام بعد عصر الصحابة رضي الله عنهم،ويكفي طالب الحق في هذا الباب وغيره قول الله عز وجل: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ [المائدة:3]
حكم الإحتفال بليلة النصف من شهر شعبان : بين السنة والبدعة
• يوجد في بعض الأحاديث ، لكن في صحة الحديث كلام لأهل العلم، ولا يصح في فضل ليلة النصف من شعبان أي حديث. عن أبي موسى الأشعري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله ليطلع في ليلة النصف من شهر شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن. رواه ابن ماجه (1390). والمشاحن هو الذي بينه وبين أخيه عداوة. وفي “الزوائد”: إسناده ضعيف؛ لضعف عبد الله بن لهيعة، وتدليس الوليد بن مسلم. وفي الحديث اضطراب بينه الدار قطني في “العلل” (6 / 50، 51) وقال عنه : “والحديث غير ثابت”. وروي من حديث معاذ بن جبل وعائشة وأبي هريرة وأبي ثعلبة الخشني وغيرهم، ولا تخلو طريق من ضعف، وبعضها شديد الضعف.
قال ابن رجب الحنبلي :
• “وفي فضل ليلة نصف شهر شعبان أحاديث متعددة، وقد اختُلف فيها، فضعّفها الأكثرون، وصحّح ابن حبان بعضها “. “لطائف المعارف”(261).
• ونزول الله تعالى إلى السماء الدنيا ليس خاصاً بليلة النصف من شعبان، بل ثبت في الصحيحين وغيرهما نزوله تعالى إلى السماء الدنيا في كل ليلة في الثلث الآخر من الليل، وليلة النصف من شعبان داخلة في هذا العموم.
• ولهذا لما سئل عبد الله بن المبارك عن نزول الله تعالى ليلة النصف من شعبان قال للسائل: “يا ضعيف! ليلةالنصف!؟ ينـزل في كل ليلة”.رواه أبو عثمان الصابوني في “اعتقاد أهل السنة”(رقم 92).
• وقال العقيلي – رحمه الله -: وفي النزول في ليلة النصف من شهر شعبان أحاديث فيها لين، والرواية في النزول كل ليلة أحاديث ثابتة صحيحة، فليلة النصف من شعبان داخلة فيها إن شاء الله. “الضعفاء “(3 / 29).
• ومما تقدم من الآيات والأحاديث وكلام أهل العلم البدع التي أحدثها بعض الناس: بدعة تقال بليلة النصف من شعبان، وتخصيص يومها بالصيام، وليس على ذلك دليليجوز الاعتماد عليه، وقد ورد في فضلها أحاديث ضعيفة لا يجوز الاعتماد عليها.
• أما ما ورد في فضل الصلاة فيها، فكله موضوع، كما نبه على ذلك كثير من أهل العلم، وسيأتي ذكر بعض كلامهم إنشاء الله وورد فيها أيضا آثار عن بعض السلف من أهل الشام وغيرهم، والذي أجمع عليه جمهور العلماء أن الاحتفال بها بدعة، وأن الأحاديث الواردة في فضلها كلها ضعيفة، وبعضها موضوع، “والذي أجمع عليه جمهور العلماء: أن الاحتفال بها بدعة، وأن الأحاديث الواردة في فضلها كلها ضعيفة، وبعضها موضوع، وممَّن نبَّه على ذلك: الحافظ ابن رجب في كتابه “لطائف المعارف”.
فضل شهر شعبان من السنة النبوية

•وعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: قلت يا رسول الله لم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان، فقال: “ذاك شهر تغفل الناس فيه عنه، بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، وأحب أن يرفع عملي وأنا صائم.” رواه النسائي، أنظر صحيح الترغيب والترهيب (ص 425).
•عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله يصوم حتى نقول لا يفطر، ويفطر حتى نقول لا يصوم، وما رأيت رسول الله استكمل صيام شهر إلا رمضان وما رأيته أكثر صياما منه في شعبان. رواه البخاري برقم (1833) ومسلم برقم (1956)، وفي رواية لمسلم برقم (1957): كان يصوم شعبان كله، كان يصوم شعبان إلا قليلا.
وقت النهي عن الصيام في شهر شعبان
• روى أبو داود (3237) والترمذي (738) وابن ماجه (1651) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِذَا انْتَصَفَ شَعْبَانُ فَلا تَصُومُوا. صححه الألباني في صحيح الترمذي (590). فهذا الحديث يدل على النهي عن الصيام بعد النصف من شعبان ، أي ابتداءً من اليوم السادس عشر. غير أنه قد ورد ما يدل على جواز الصيام فمن ذلك:
• ما رواه البخاري (1914) ومسلم (1082) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا تَقَدَّمُوا رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ وَلا يَوْمَيْنِ إِلا رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمًا فَلْيَصُمْهُ.
• فهذا يدل على أن الصيام بعد نصف شعبان جائز لمن كانت له عادة بالصيام، كرجل اعتاد صوم يوم الاثنين ويوم الخميس ، أو كان يصوم يوماً ويفطر يوماً،ونحو ذلك.
• وروى البخاري (1970) مسلم (1156) عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قالت: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ، يَصُومُ شَعْبَانَ إِلا قَلِيلا. واللفظ لمسلم.
• قال النووي رحمه الله في رياض الصالحين (ص: 412): (باب النهي عن تقدم رمضان بصومٍ بعد نصف شعبان إلا لمن وصله بما قبله أو وافق عادة له بأن كان عادته صوم الاثنين والخميس) اهـ.
حكم تخصيص ليلة النصف من شهر شعبان بعبادات معين
• المسلم ينبغي أن يعبد الله في كل وقت، دون تخصيص ليلة النصف من شعبان بشيء معين لم يرد فيه دليل صحيح. والأولى هو الاهتمام بفرائض الدين، كالصلاة، والصيام المشروع، وترك المعاصي، والاستعداد لشهر رمضان بالإكثار من الطاعات بشكل عام